الجمعة، 29 نوفمبر 2013

عباس بن فرناس

أصدقائي الأطفال
منذ القدم لارتياد الأجواء، والتحليق فيها، مثلما تفعل الطيور؛ وامتزج ذلك لديه بعالم الأسطورة والخيال. وقد بذل الإنسان محاولات شتّى حتى تمكّن فعلا من الطيران، وارتياد الفضاء الرحب، بواسطة الطائرات المتطوّرة، ومركبات تاقت نفس الإنسان الفضاء.
وإذا كان  البدايات دائماً هي الأصعب في العادة.. فإنه لا بدّ أن نذكر تجربة "عباس بن فرناس" الذي يعد بحق الرائد الأول للطيران؛ لأنه قام بعدة أبحاث علمية في هذا المجال، وكان بذلك أوّل من حاول الطيران الفعلي.
 
محاولات الإنسان الطّّيران 
لا تقتصر شهرة "ابن فرناس" على الاهتمام بالطيران، وإن كانت تلك الشّهرة قد طغت على ما سواها. فقد عُرف بـ "حكيم الأندلس"، وهذا اللقب يطلق عند المسلمين على المشتغلين بصنعة الطب والكيمياء.
ولد "ابن فرناس" سنة 810 ميلادية في مدينة "قرطبة" أثناء حكم الدولة الأموية للأندلس. وقد كان شخصية متعددة المواهب؛ فهو في الآن نفسه فيلسوف، وكيميائي، وفيزيائي، وفلكي.
               
تمثال عباس بن فرناس بالعراق
عُرف بقدرته على الاختراع والابتكار، واشتهر بصناعة الآلات الهندسية والعلمية. ففي مجال الفلك اخترع "ابن فرناس" ساعة مائية سماها "الميقات"، لمعرفة الأوقات؛ كما اكتشف "المنقالة"، وهي آلة لحساب الزمن. كما كان أوّل من وضع تقنيات التعامل مع الكريستال، وصنع عدة أدوات لمراقبة النجوم.
وفي مجال الفيزياء والكيمياء كان أول من صنّع الزجاج من الحجارة والرمل؛ واتخذه أمراء بني أمية طبيبا خاصا لقصورهم، لشهرته في مجال الصيدلة والطب.
تخطيط قديم لساعة مائيّة
وعندما قرر الطيران كسى نفسه ريشا من الحرير لمتانته وقوته، وصنع لنفسه جناحين من الحرير أيضا ليحملا جسمه إذا ما حرّكهما في الفضاء. وبعد أن أعدّ العدة لذلك، أعلن على الملأ أنّ طيرانه سيكون من "الرّصافة" خارج مدينة قرطبة.
صعد "ابن فرناس" فوق مكان مرتفع، وحرّك جناحيه، وقفز في الجوّ، وطار في الفضاء، مسافة بعيدة عن المكان الذي انطلق منه. كل ذلك وسط دهشة الناس وإعجابهم بهذا الطائر الآدمي. وكانت الثغرة في هذا الاكتشاف أن الهبوط لم يتمّ بشكل سليم، وهو ما أدى إلى إصابته في ظهره. وقد عزا المؤرخون ذلك إلى أنّ "ابن فرناس" نسي الذيل في آلة طيرانه، وهو الذي يعين على الهبوط السليم، كما هو الأمر في عالم الطيور.
صورة سينيمائيّة لعبّاس بن فرناس
وقد سبق هذه المحاولة قيام "عباس بن فرناس" بتجارب كثيرة، درس في خلالها ثقل الأجسام ومقاومة الهواء لها، وتأثير ضغط الهواء فيها إذا ما حلّقت في الفضاء. وكان خير معين له على ذلك تبحّره في العلوم الطبيعية والرياضيات والكيمياء، وما قرأه في مجال خواص الأجسام. مات "ابن فرناس" سنة 887 ميلادية عن عمر يناهز السابعة والسبعين عاما، وكانت حياته حافلة بالاختراعات المدهشة، والتجارب المذهلة.
عبّاس بن فرناس
ولعل من الوفاء لهذا العالِم المسلم ـ يا أصدقائي ـ أن نذكره كلما ركبنا الطائرات، ونستحضر تضحيته وما دفعه من صحته ثمنا لتحقيق حلم عاد بالنفع على البشرية، وإن كان بعد مئات السنين من وفاته. ولكن حذار يا أصدقائي من تقليد هذا العالم؛ فالطيران بالأجنحة ليس من خاصيات البشر. وكلّ مخلوق في الكون حباه الله بميزات في خلقه. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق